اوجه لك محبتي وتقديري سيدتي الأسيرة الفلسطينية...!!!
د.عايدة النجار
08/03/2010
لأنك في غياهب سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأنت في وطنك فلسطين المحتلة، في سجون الرملة وتلموند وسجن عسقلان والسجن المقيت جوار رام الله الجميلة، لأنك في مكان مظلم وبشع وضعوك فيه لحرمانك من الحياة الطبيعية في الدار بين الأهل والجيران. منعوا عنك الأخبار ومشاهدة التلفزيون، منعوا عنك الطبيب والدواء، والطعام الصحي وسببوا أمراضك، ومنعوك حتى من إكمال قطعة التطريز بالتراث الفلسطيني التي كانت بين يديك ترسمين عليها أسماء البلدات والمدن التي تدافعين عنها، وتدفعين حريتك ثمناً لها ، ولأنك حبيسة المكان، فها أنا أكتب لك رسالتي هذه لأنك الأحق بكل احتفالات المرأة في كل مكان خاصة وأنا مدعوة من التجمعات النسائية لحضور الاحتفالات المشكورة.
اليوم يا عزيزتي، هو الثامن من آذار وتحتفل نساء العالم بيوم المرأة العالمي، ولا بد أنك تعرفين أن هذه النشاطات للتذكير بـ"ثورة" المرأة على الظلم بكل أشكاله من أجل المضي بتحسين نوعية حياة المرأة اجتماعياً وثقافياً وسياسياً في كل مكان في العالم بعد أن تبنت الأمم المتحدة الاحتفال وأصبحت حقوق المرأة من أهم بنود "حقوق الإنسان" وفي بعض البلدان كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم. ولن أتفلسف عليك أكثر، فأنا أرى هذا اليوم "يومك" ولذلك أكتب لك.
كل نساء العالم الشريفات يذكرنك أيضاً في اجتماعاتهن في أنحاء العالم لأنك ضحية الجلاد الذي سجنك بسبب إيمانك بحياة حرة كريمة. فقد قمت بالتمرد عليه وحملت الحجر ورشقته في وجهه البشع، أو ربيت المناضل والمقاوم وحميتًه من نار العدو أو قمت بتربية أولادك بشرف وقوة وأنت الأرملة التي زغردت عندما استشهد زوجها دفاعاً عن فلسطين، أو أنت الصبية، المخطوبة لمناضل شاب جميل وعمرك لم يتجاوز الـ 17 عاماً، كتبت تقولين له، وقد سجنه الجلاد الإسرائيلي: "أحبك.. أحبك لأنك، وقفت في وجه المحتل.. أحبك.. أحبك.. لأنك تدافع عن مستقبل أطفالنا.. والمرجيحة التي ستنصبها لهم تحت شجرة الزيتون، في فناء الدار".
أنت أيتها الأسيرة الفلسطينية الجميلة.. أصبحت وأنت تدافعين عن الأرض والمستقبل، رمزاً لدور المرأة في حركة تحرر وطني يؤيدها شرفاء العالم.
سيدتي الصامدة، خارج السجن، وتحت الاحتلال وكما تعرفين، سجن كبير أيضاً. والمرأة ما زالت تناضل، تقف أمام الجرافة، وتحتضن شجرة الزيتون التي تنهال عليها أنياب المحتل. أمك وأختك وجارتك لم تخذلك وتعمل مزروعة في الأرض وترفع الصوت، علّ من يسمعها يمد يد العون لتعزيز بقائها في الأرض. لقد استفحل خطر الاستعمار الصهيوني يا عزيزتي، وها هو يعيث في أرض أجدادك فساداً وتدميراً، ويتعرض للأماكن الدينية في الخليل والقدس. ها هو يقوض أساسات المسجد الأقصى، ويخطط لهدمه ويحاول أن يمحو التاريخ والجغرافيا وذاكرة البيت والوطن.
أنت في السجن أيتها "الحرة" محرومة من حياة كريمة إلا أنك قوية. هناك نساء كثيرات خارج السجن في كل مكان يبدون وكأن العالم ملك أيديهن مثل هيلاري كلنتون وزيرة خارجية أمريكا، وميركل المستشارة الألمانية، وغيرهما من نساء العالم اللواتي يرسمن ويحكمن. ولكنك أقوى منهن لأنك سجنت من أجل خلق السلام ومن أجل الأمن العائلي الذي حرمت منه. إنهن وقد أيدن الحروب في العالم وساهمن بسياسة بلدهن لقتل النساء والأطفال ، ضعيفات ومتآمرات على النساء والرجال خاصة وهن يتحيزن لسياسة الاستعمار الصهيوني في فلسطين..
أنت أيتها الفلسطينية الجميلة، أقوى من "تسيبي ليفني الزعيمة" في "إسرائيل" التي تتآمر عليك وعلى نساء وأطفال فلسطين وتسرق حقك في حياة آمنة في دارك. ستتخرجين من سجن أهل ليفني، أقوى منها لأنك تدافعين عن حق مسروق، وتعملين على بناء البيت الفلسطيني وإرجاع ذاكرة الأجداد التي تحاول "إسرائيل" طمسها لقتل المكان والإنسان.
سيدتي الأسيرة الفلسطينية، لن أنتظر "يوم السجين الفلسطيني" لأحييك معه، وأقبل رأسكم، وها، أنا أحييك اليوم في عيد المرأة العالمي الذي تقف نساء "العالم الشريف" متحيزات لنساء العالم المظلومات، لرفع الظلم عنهن، والقويات أيضاً واللواتي يعملن من أجل قضايا عادلة كالقضية الفلسطينية.
إليك أوجه التحية والاعتزاز بك، وأشكرك لأنك تقومين نيابة عني بالدفاع عن أرض الأجداد. إليك أوجه التحية والمحبة، يا سيدتي